وكان مسؤولون من بنغلادش والأمم المتحدة قد أشاروا إلى الحدث على أنه دليل ناجح على التزامهم بالعودة الطوعية، على الرغم مما تسبب به ذلك من زيادة في حدة الصعوبات النفسية بين هذه المجموعة السكانية والتي تعاني أصلاً من صدمات نفسية شديدة.
فيما كانت تتصاعد، في الوقت ذاته، الضغوطات السياسية في جنوب السودان منادية بعودة النازحين داخليا، وذلك على الرغم من حالة انعدام الأمن وعدم إمكانية توفير الخدمات بأمان في المنطقة المُقترحة للعودة. وقد تأكدت جدية هذه المخاوف في نهاية تشرين ثاني بعد أن تعرضّت 125 إمرأة، والكثير منهن من النازحات، إلى التحرش الجنسي خلال فترة عشرة أيام فقط وذلك في طريقهن لجمع المؤن أو للوصول إلى أماكن توزيع المساعدات بالقرب من بلدة بينتيو.
وما ذلك سوى مثالين على دولتين من أصل عدد متزايد من الدول التي تتصاعد فيها الضغوطات السياسة المنادية بالعودة الإجبارية أو المستعجلة للاجئين إلى أوطانهم. ويتشابه الحال في كل من أفغانستان وجمهورية أفريقيا الوسطى وأثيوبيا والعراق وسوريا وفنزويلا. وفي ظل تضاؤل الحيز المتاح للتحرّك ضمن الحلول التقليدية لمسألة النزوح (إعادة التوطين، الإدماج، والعودة الطوعية)، تتزايد مخاطر الإعادة القسرية والتي لا تستوفي المعايير الدولية الخاصة بالسلامة والطوعية و الكرامة.
لاجئو الروهينجا والنازحين داخليا من السودانيين الجنوبيين
يعيش قرابة المليون لاجئ من الروهينغا اليوم في مخيمات في بنغلادش، أجبر غالبيتهم على الفرار من حملة التطهير العرقي في ماينمار والتي بدأت منذ آب 2017، فيما بقي عدة مئات من الآلاف من الروهينغا في ولاية راخين في ماينمار حيث يعانون من تقييد كبير للحريات ولإمكانية الوصول إلى المساعدات الخارجية.
ويعيش أكثر من 120,000 من هؤلاء النازحين داخلياً في مخيمات للنازحين في ولاية راخين منذ عام 2012 في ظروف يرثى لها حسب وصف الأمم الـمتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن حكومة بنغلادش لم تجبر، حتى لحظة كتابة هذه التقرير، أي من الروهينغا على العودة إلى ماينمار، على الرغم من تصاعد الضغوطات المطالبة بالعودة.
أظهرت أحداث الخامس عشر من تشرين ثاني وأحداث مشابهة أفضت إلى نتائج مشابهة في آب 2019 على الاستعداد للضغط حتى الرمق الأخير باتجاه إعادة اللاجئين، دون الأخذ بالاعتبار لآثار ذلك المدمّرة على المجموعات السكانية ذات العلاقة.
وتتزايد ضغوطات مشابهة باتجاه الإعادة في جنوب السودان، وتحديداً بالنسبة لقرابة الـ 200,000 نازح داخلياً الذين يعيشون في مواقع حماية المدنيين التي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS). وتم وصفت هذه المواقع بأنها أفضل وفي الوقت ذاته أسوأ فكرة خرجت بها الأمم المتحدة في جنوب السودان. فقد ساهمت بلا شك في إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح من خلال ما قدمته فرق حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من ملاذ للمدنيين الفارّين من قلب العنف.
هذا من ناحية. أما من ناحية أخرى، فقد كان الهدف من إنشاء هذه المواقع هو توفير الملجأ لعدة أيام فقط؛ لكن بعد مرور خمس سنوات على إنشائها، أضحت هذه المواقع مسرحاً للجريمة، إضافة إلى ما تعانيه من ضغط على الخدمات. أما بالنسبة للسكان، فمعظمهم عاطل عن العمل ومصاب بحالة من الإحباط.
وقد أدى توقيع اتفاقية سلام في شهر أيلول 2018 إلى خفض مستوى العنف في جنوب السودان وتشجيع إجراء المزيد من المناقشات حول إعادة اللاجئين، ليس فقط أولئك القاطنين في مواقع حماية المدنيين، بل بقية النازحين داخلياً والذين يصل عددهم إلى 1.5 مليون نسمة وقرابة الـ 2.3 مليون لاجئ من جنوب السودان هربوا إلى دول مجاورة. وقد تغير الحوار في مواقع الحماية تحديداً من الحذر – وفق ما أفاد به أحد المراقبين لِمُعد هذا التقرير - إلى تكيثف الجهود الرامية إلى إغلاق مواقع حماية المدنيين "كواقع مقبول".
Leave a comment: