الهجرة ظاهرة قديمة جديدة، يُعرّفها فقهاء القانون "بأنها مغادرة الفرد لإقليم دولته نهائيًّا إلى إقليم دولة أخرى"، بينما يعرّف المُهاجِر بأنّه "أي شخص يُغيّر بلد إقامته المعتادة". وهذان تعريفان حديثان للهجرة، ارتبطا بظاهرةٍ عالميّة ظهرت بعد نشوء الدَّول؛ لكنّ المعنى العام للهجرة لا يُقيَّد بالانتقال من بلدٍ إلى بلدٍ آخر؛ بل يشمل كلَّ انتقال من مكان إلى مكان.
وقد ارتبطت الهجرة بحياة الإنسان ارتباطًا مصيريًّا،إذ كانت الوسيلةَ التي يَلجأ إليها بحثًا عن حياةٍ تضمن له الاستمراريَّة ، وهو يحاول من خلالها التخلّص من مخاوفَ قد تسببها ظروف المكان الذي يعيش فيه، ومن خلالها أيضًا يحاوِل تحقيق آمالِه وطموحاتِه وأهدافه في الأرضِ الجديدة التي يهاجر إليها. وقديمًا كانت القبيلة ترتحل من أرضٍ إلى أخرى، فرارًا من القَحط والجدب وظروف البيئة القاسية، وطلبًا للماء والكلأ والمرعى، أو بسبب الحروب الناشبة بين القبائل، وهذا كان حال أهل البادية عمومًا، وقد نتج عن هذه الهجرة أشعار تعبّر عن حال الشّاعر العربي حين ترتحل قبيلة محبوته، فيقف على أطلال بيتها، ويخاطبها، ويبكي، مثلما يبكي امرؤ القيس، الذي يقول: قفا نبك من من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ بسِقط اللِّوى بين الدَّخول فحَومَلِ.
Rana
Comment