#التيتيم_في_الترجمة
مر بي وأنا أتصفح المجالس كلام للأستاذ محمد أبو ريشة في تيتيم الترجمة، فأحببت نقله إلى العربية لما وجدت فيه من كبير فائدة.
قال الأستاذ -أدام الله توفيقه-: «التَّيتيم في علوم الترجمة ضربٌ مخصوص من مشكلات الترجمة أو شِداد مسائلها، وهو أن ينقطع النص المُترجَم عن أصلِه أو عن سياق أصلِه، وذلك يكون إذا فارقت الترجمة ما يحتفُّ بأصلها من قرائنَ ثقافية أو تاريخية أو لفظية، فوقع الإخلال بالمعاني، وبلطائف الفروق بينها، وبالغرض المقصود منها. وللتَّيتيم حدٌّ أخصّ من هذا، وهو أن تتصرّم الشبكة السيمياوية كلُّها في الترجمة، لأنه لم يمكن في اللغة المنقول إليها أن يعاد وصل جميع العلائق التي بين الأصل وما يحيط به من سيمياء وثقافة. وانظر في هذا بحثًا لمحمد أبو ريشة.
والتَّيتيم إنما استعير لانقطاع الترجمة عن أصلها، فكما أن اليتيمَ عادمٌ لعَولِ أبويه فاقدٌ لإرشادهما، كذلك الترجمة المُيتّمة مقطوعة الصلة بمغزى أصلها وبالثقافة التي بُنِيت عليها.
والتَّيتيم يكون لأسباب شتّى، منها قلة العلم باللغة المنقولة وبثقافة أهلها، ومنها أهواء المترجِم وما يُؤْثِرُه، ومنها قصور اللغة المنقول إليها، ومنها الإلجاء إلى مجيء الترجمة جاريةً على عُرْفِ المترجَم إليهم مُحقِّقةً لمأمولهم فيها. وربما أدّى التيتيم إلى سوء الترجمة أو إلى سوء التأويل، بل ربما أفضى إلى إسقاط أشياء جليلة من الأصل كالإشارات الثقافية أو العبارات الاصطلاحية أو النكت الأدبية.
وأهل العلم بالترجمة ومُزاولُوها يجهدون في كفِّ التيتيم ما أمكن، فيُنبّهون على عظم قدر الأمانة في نقل النص الأصلي مع ما يحتف به من القرائن الثقافية، ويُفشُون استعمال التدبيرات التي ينبغي أن تُدبّر الترجمة بها، مثل التطويع للثقافة، ومثل التوطين، ومثل مراعاة مأمول المترجَم إليهم مع صيانة الأصل في ذاته وحفظ سلامته عليه» اهـ.
التَّيتيم في الترجمة
Collapse
X
-
التَّيتيم في الترجمة
Last edited by Zaki Jawich; 05-08-2024, 01:52 PM.Tags: None
What's Going On
Collapse
There are currently 1982 users online. 0 members and 1982 guests.
Most users ever online was 84,330 at 07:54 PM on 02-03-2023.